A+
A-
𝕏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ

مقدمة

يا لَلعجب من أقوامٍ غشِيَت أبصارَهم سُحُبُ الوهم، فعبدوا الرجالَ باسم المصطلح الباطني ( آل البيت )، ورفعوا المخلوق إلى مصافّ الخالق، وجعلوا من تراب بشرٍ قبلةَ تقديسٍ وسجودٍ معنويٍّ مهين! لقد طغت العصبيّة على البصائر حتى حُجِبَت عن نور الحقّ، وصار عليٌّ وذريّته في عقولهم تماثيلَ تُعبَدُ بالتأويل، وتُقدَّسُ بالكذب على رسول الله ﷺ.

أما نحن — أتباع الحقّ، وحماة السُّنّة — فنشهد الله أنّ ولاءنا مع الصدّيق أبي بكر، وعدل الفاروق عمر، وحياء الشهيد عثمان، وشجاعة طلحة والزبير، وصدق سعد، وكرم عبد الرحمن بن عوف، ووفاء أبي عبيدة بن الجراح، وطهر أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنهم أجمعين. تلك الصفوة التي سقت الإسلام بدمائها، وصانت حماه بعقولها وسيوفها، حتى قام الدين واستقام العدل وارتفعت راية التوحيد.

نبرأ إلى الله من غلوّ الغالين، ومن خرافة العصمة المزعومة، ومن دموع التشيّع التي لو فُسّرت لكانت شركًا مغلّفًا بالمحبّة. إن طلحة والزبير ما خرجا إلّا طلبًا للحقّ، وسالت دماؤهما على أرض البصرة شهادةً على إخلاصهما، وإن معاوية وعمرو بن العاص ما أرادا إلا حفظ جماعة المسلمين بعد أن تفرّق الجمع وتنازعت الأهواء.

فسلامٌ على أمّنا عائشة التي خرجت لنصرة الحقّ لا لهوى، وسلامٌ على طلحة والزبير اللذين باعا نفسيهما لله، وسلامٌ على الشهيد عثمان الذي قُتل مظلومًا وهو يتلو كتاب الله، وسلامٌ على معاوية وعمرو بن العاص إذ حملا لواء الجماعة ودرء الفتنة.

أما من امتلأ قلبُه بحبّ عليٍّ وذريّته وتقديسهم نتيجة الأحاديث المكذوبة، فإنه بذلك يدخل أوّل أبواب الشرك، كما قال الله تعالى:

"وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ" (البقرة: 165)

فليُهدمْ صنم التشيّع، ولْتُكسرْ قيودُ التقديس الباطل، ولْنُعِدْ للإسلام وجهه الأوّل: دينَ الله الذي لا يُعبد فيه إلّا الله، ولا يُرفع فيه أحدٌ فوق قدره، ولو كان ابن عمّ النبيّ نفسه.

قنوات موصى بها:

محمد المكي د. طه الدليمي د. حامد الخليفة مناظرة الدكتور طارق

صحيح البخاري

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ حُسَيْنٍ، أَنَّ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ، قَالَ إِنَّ عَلِيًّا خَطَبَ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَسَمِعَتْ بِذَلِكَ، فَاطِمَةُ، فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَزْعُمُ قَوْمُكَ أَنَّكَ لاَ تَغْضَبُ لِبَنَاتِكَ، هَذَا عَلِيٌّ نَاكِحٌ بِنْتَ أَبِي جَهْلٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَمِعْتُهُ حِينَ تَشَهَّدَ يَقُولُ "أَمَّا بَعْدُ أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي، وَإِنَّ فَاطِمَةَ بَضْعَةٌ مِنِّي، وَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ يَسُوءَهَا، وَاللَّهِ لاَ تَجْتَمِعُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَبِنْتُ عَدُوِّ اللَّهِ عِنْدَ رَجُلٍ وَاحِدٍ". فَتَرَكَ عَلِيٌّ الْخِطْبَةَ. وَزَادَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَلْحَلَةَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيٍّ عَنْ مِسْوَرٍ، سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَذَكَرَ صِهْرًا لَهُ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فَأَثْنَى عَلَيْهِ فِي مُصَاهَرَتِهِ إِيَّاهُ فَأَحْسَنَ قَالَ "حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفَى لِي".

المصدر: صحيح البخاري 3729

هذا الحديث من الأحاديث العظيمة التي تدل على رعاية رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنته فاطمة رضي الله عنها.

أسئلة نقدية حول موقف علي بن أبي طالب:

1. لماذا أراد علي الزواج من بنت أبي جهل؟

هل كان هذا الطلب من علي يعكس عدم تقدير كافٍ لزوجته فاطمة رضي الله عنها؟ أم أنه كان يسعى لتحقيق مصالح سياسية أو اجتماعية على حساب مشاعر زوجته؟

2. كيف يمكن تفسير عدم استشارة علي لفاطمة قبل اتخاذ هذا القرار؟

أليس من المفترض أن يكون الزوج أكثر حساسية تجاه مشاعر زوجته، خاصة وأنها ابنة النبي صلى الله عليه وسلم؟

3. ما مدى احترام علي لمكانة فاطمة كزوجة؟

هل كان طلب الزواج من بنت أبي جهل - وهو عدو الله - يعكس عدم تقدير كافٍ لمكانة فاطمة وكرامتها؟

4. لماذا لم يتراجع علي عن طلبه إلا بعد تدخل النبي صلى الله عليه وسلم؟

ألا يدل هذا على أن علي لم يكن حساسًا بما فيه الكفاية تجاه مشاعر زوجته حتى اضطر النبي للتدخل؟

5. هل كان هذا الموقف يعكس عدم نضج في التعامل مع العلاقات الزوجية؟

أم أنه كان مجرد خطأ في التقدير يمكن أن يرتكبه أي شخص، لكنه يبقى موقفًا يستحق النقد والتحليل؟

6. كيف يمكن تفسير هذا الموقف في ضوء ما يُروى عن حب علي لفاطمة؟

هل يتناقض هذا الطلب مع ما يُزعم من عمق الحب والاحترام بينهما؟

7. لماذا قارن النبي صلى الله عليه وسلم عليًا بأبي العاص بن الربيع؟

لاحظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَنْكَحْتُ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ، فَحَدَّثَنِي وَصَدَقَنِي" - فوصف أبا العاص بالصدق والأمانة. ألا يدل هذا على أن النبي كان يريد أن يوضح الفرق بين علي وأبي العاص في التعامل مع الزوجة؟

8. ما معنى وصف النبي لأبي العاص بـ"صدقني"؟

هل كان النبي يريد أن يقول أن أبا العاص كان صادقًا مع زوجته زينب، بينما علي لم يكن صادقًا مع فاطمة في هذا الموقف؟

صحيح البخاري

حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي أَخِي عَبْدُ الْحَمِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً فَقَالَ لَهُمْ "أَلاَ تُصَلُّونَ". قَالَ عَلِيٌّ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا، فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا، ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهْوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ {وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً}

المصدر: صحيح البخاري 7465

هذا الحديث يظهر الرد الحاد من علي بن أبي طالب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أسئلة نقدية حول حديث: "أَلاَ تُصَلُّونَ" و{وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً}

1) هل يُعدّ تعليل عليّ بأن "أنفسنا بيد الله" جوابًا مشروعًا شرعًا؟

إذا كان القيام طاعة مأمورًا بها، فهل يُحتجّ بالقدر لترك المأمور؟ أليس الاحتجاج بالقدر على ترك العمل مسلكًا مردودًا في الأصول؟

2) لماذا لم يعتذر عليّ بعلّةٍ واقعية (تعب/مرض) بدل حجّة قدرية عامة؟

لو كان العذر تعبًا أو مرضًا لكان أليق بالأدب مع النبي ﷺ، أما تعميم القول بالقدر فهل يحمل معنى المجادلة التي أشار إليها النبي ﷺ بالآية؟

3) ما دلالة ضرب النبي ﷺ فخذه وتلاوته الآية {وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا}؟

هل يفهم منه إنكار لطريقة التعليل لا لشخص عليّ؟ وهل يُفهم أنّ الاحتجاج بالقدر في مقام التقصير من الجدل المذموم؟

صحيح البخاري

حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ أَمْلَى عَلَىَّ هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ مِنْ حِفْظِهِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ قَالَ لِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَبَلَغَكَ أَنَّ عَلِيًّا، كَانَ فِيمَنْ قَذَفَ عَائِشَةَ قُلْتُ لاَ. وَلَكِنْ قَدْ أَخْبَرَنِي رَجُلاَنِ مِنْ قَوْمِكِ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ عَائِشَةَ رضى الله عنها قَالَتْ لَهُمَا كَانَ عَلِيٌّ مُسَلِّمًا فِي شَأْنِهَا. فَرَاجَعُوهُ فَلَمْ يَرْجِعْ وَقَالَ مُسَلِّمًا بِلَا شَكٍّ فِيهِ وَعَلَيْهِ كَانَ فِي أَصْلِ الْعَتِيقِ كَذَلِكَ

المصدر: صحيح البخاري 4142

أسئلة نقدية حول صمت علي في حادثة الإفك:

1. لماذا لم يدافع علي عن عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك؟

أليس من المفترض أن يدافع الصحابة عن أم المؤمنين ضد الافتراءات؟

2. ما معنى "كان علي مسلماً في شأنها"؟

هل يعني هذا أنه كان يتردد في الدفاع عنها أم أنه كان ينتظر ما سيقوله الآخرون؟

3. لماذا لم يتراجع علي عن موقفه حتى بعد مراجعة الصحابة له؟

ألا يدل هذا على عناد أو عدم اقتناع بالدفاع عن عائشة؟

4. كيف يمكن تفسير هذا الموقف في ضوء مكانة عائشة كأم للمؤمنين؟

ألم يكن واجباً على علي أن يكون أول من يدافع عنها؟

صحيح البخاري

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضى الله عنهما قَالَ كُنَّا نُخَيِّرُ بَيْنَ النَّاسِ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَنُخَيِّرُ أَبَا بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، ثُمَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رضى الله عنهم.

المصدر: صحيح البخاري 3655

هذا الحديث يبين ترتيب الصحابة في الفضل والمقام عند المسلمين في زمن النبي صلى الله عليه وسلم.

أسئلة نقدية حول ترتيب الصحابة وغياب علي:

1. لماذا لم يُذكر علي بن أبي طالب في ترتيب الصحابة الأفضل؟

ألا يدل هذا على أن المسلمين في زمن النبي لم يكونوا يعتبرونه من أفضل الصحابة؟

2. ما معنى أن المسلمين كانوا "يخيرون" بين الناس في زمن النبي؟

هل يعني هذا أنهم كانوا يختارون الأفضل من الصحابة، ولم يكن علي من هؤلاء؟

3. كيف يمكن تفسير عدم ذكر علي في هذا الترتيب؟

ألا يتناقض هذا مع ما يُزعم من فضل علي ومكانته الخاصة؟

4. لماذا كان الترتيب: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، دون ذكر علي؟

ألا يدل هذا على أن المسلمين كانوا يعتبرون هؤلاء الثلاثة أفضل من علي؟

5. ما هي دلالة هذا الحديث على مكانة علي في زمن النبي؟

ألا يوضح هذا أن علي لم يكن يحظى بالمكانة التي يُزعم أنها كانت له؟

صحيح البخاري

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَوْفَلٍ الْقُرَشِيِّ، أَنَّهُ سَأَلَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ فَقَالَ قَدْ حَجَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ رضى الله عنها أَنَّهُ أَوَّلُ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ حِينَ قَدِمَ أَنَّهُ تَوَضَّأَ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً، ثُمَّ حَجَّ أَبُو بَكْرٍ رضى الله عنه فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةً. ثُمَّ عُمَرُ رضى الله عنه مِثْلُ ذَلِكَ. ثُمَّ حَجَّ عُثْمَانُ رضى الله عنه فَرَأَيْتُهُ أَوَّلُ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ، ثُمَّ مُعَاوِيَةُ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ حَجَجْتُ مَعَ أَبِي الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ، فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ بَدَأَ بِهِ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارَ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ، ثُمَّ لَمْ تَكُنْ عُمْرَةٌ، ثُمَّ آخِرُ مَنْ رَأَيْتُ فَعَلَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُضْهَا عُمْرَةً، وَهَذَا ابْنُ عُمَرَ عِنْدَهُمْ فَلاَ يَسْأَلُونَهُ، وَلاَ أَحَدٌ مِمَّنْ مَضَى، مَا كَانُوا يَبْدَءُونَ بِشَىْءٍ حَتَّى يَضَعُوا أَقْدَامَهُم مِنَ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ لاَ يَحِلُّونَ، وَقَدْ رَأَيْتُ أُمِّي وَخَالَتِي، حِينَ تَقْدَمَانِ لاَ تَبْتَدِئَانِ بِشَىْءٍ أَوَّلَ مِنَ الْبَيْتِ، تَطُوفَانِ بِهِ، ثُمَّ لاَ تَحِلاَّنِ. وَقَدْ أَخْبَرَتْنِي أُمِّي، أَنَّهَا أَهَلَّتْ هِيَ وَأُخْتُهَا وَالزُّبَيْرُ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ بِعُمْرَةٍ، فَلَمَّا مَسَحُوا الرُّكْنَ حَلُّوا.

المصدر: صحيح البخاري 1641، 1642

هذا الحديث يبين طريقة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الحج والطواف بالبيت.

صحيح البخاري

حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا بِشْرُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ الأَنْصَارِيُّ وَكَانَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ أَحَدَ الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّاسٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رضى الله عنه خَرَجَ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي وَجَعِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ، فَقَالَ النَّاسُ يَا أَبَا حَسَنٍ، كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللَّهِ بَارِئًا، فَأَخَذَ بِيَدِهِ عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ أَنْتَ وَاللَّهِ بَعْدَ ثَلاَثٍ عَبْدُ الْعَصَا، وَإِنِّي وَاللَّهِ لأُرَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَوْفَ يُتَوَفَّى مِنْ وَجَعِهِ هَذَا، إِنِّي لأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ، اذْهَبْ بِنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَلْنَسْأَلْهُ فِيمَنْ هَذَا الأَمْرُ، إِنْ كَانَ فِينَا عَلِمْنَا ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي غَيْرِنَا عَلِمْنَاهُ فَأَوْصَى بِنَا. فَقَالَ عَلِيٌّ إِنَّا وَاللَّهِ لَئِنْ سَأَلْنَاهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَمَنَعَنَاهَا لاَ يُعْطِينَاهَا النَّاسُ بَعْدَهُ، وَإِنِّي وَاللَّهِ لاَ أَسْأَلُهَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

المصدر: صحيح البخاري 4447

هذا الحديث يبين محاولة العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب الاستفسار عن الخلافة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.

أسئلة نقدية حول محاولة علي الاستفسار عن الخلافة:

1. لماذا أراد علي الاستفسار عن الخلافة قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم؟

ألا يدل هذا على طموح سياسي مبكر ورغبة في السلطة؟

2. ما معنى قول العباس لعلي "أنت والله بعد ثلاث عبد العصا"؟

ألا يدل هذا على أن العباس كان يرى أن علي سيكون تحت سلطة شخص آخر هم قتلة عثمان رضي الله عنه

3. لماذا رفض علي سؤال النبي عن الخلافة؟

هل كان يخشى أن النبي سيرفضه، أم أنه كان يعلم أنه ليس أهلاً لها؟

4. ما دلالة قول علي "لئن سألناها رسول الله فمنعناها لا يعطينها الناس بعده"؟

ألا يدل هذا على أن علي كان يعلم أنه لن يحصل على الخلافة من النبي؟

5. كيف يمكن تفسير هذا الموقف في ضوء ما يُزعم من حق علي في الخلافة؟

ألا يتناقض هذا مع ادعاءات أن النبي أوصى لعلي بالخلافة؟

صحيح البخاري

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ فَاطِمَةَ عَلَيْهَا السَّلاَمُ بِنْتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَرْسَلَتْ إِلَى أَبِي بَكْرٍ تَسْأَلُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ وَفَدَكَ، وَمَا بَقِيَ مِنْ خُمُسِ خَيْبَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ "لاَ نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، إِنَّمَا يَأْكُلُ آلُ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْمَالِ". وَإِنِّي وَاللَّهِ لاَ أُغَيِّرُ شَيْئًا مِنْ صَدَقَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ حَالِهَا الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلأَعْمَلَنَّ فِيهَا بِمَا عَمِلَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَبَى أَبُو بَكْرٍ أَنْ يَدْفَعَ إِلَى فَاطِمَةَ مِنْهَا شَيْئًا فَوَجَدَتْ فَاطِمَةُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ فَهَجَرَتْهُ، فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى تُوُفِّيَتْ، وَعَاشَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سِتَّةَ أَشْهُرٍ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتْ، دَفَنَهَا زَوْجُهَا عَلِيٌّ لَيْلاً، وَلَمْ يُؤْذِنْ بِهَا أَبَا بَكْرٍ وَصَلَّى عَلَيْهَا، وَكَانَ لِعَلِيٍّ مِنَ النَّاسِ وَجْهٌ حَيَاةَ فَاطِمَةَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَتِ اسْتَنْكَرَ عَلِيٌّ وُجُوهَ النَّاسِ، فَالْتَمَسَ مُصَالَحَةَ أَبِي بَكْرٍ وَمُبَايَعَتَهُ، وَلَمْ يَكُنْ يُبَايِعُ تِلْكَ الأَشْهُرَ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ أَنِ ائْتِنَا، وَلاَ يَأْتِنَا أَحَدٌ مَعَكَ، كَرَاهِيَةً لِمَحْضَرِ عُمَرَ. فَقَالَ عُمَرُ لاَ وَاللَّهِ لاَ تَدْخُلُ عَلَيْهِمْ وَحْدَكَ. فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ وَمَا عَسَيْتَهُمْ أَنْ يَفْعَلُوا بِي، وَاللَّهِ لآتِيَنَّهُمْ. فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ، فَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَقَالَ إِنَّا قَدْ عَرَفْنَا فَضْلَكَ، وَمَا أَعْطَاكَ، اللَّهُ وَلَمْ نَنْفَسْ عَلَيْكَ خَيْرًا سَاقَهُ اللَّهُ إِلَيْكَ، وَلَكِنَّكَ اسْتَبْدَدْتَ عَلَيْنَا بِالأَمْرِ، وَكُنَّا نَرَى لِقَرَابَتِنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَصِيبًا. حَتَّى فَاضَتْ عَيْنَا أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَرَابَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبُّ إِلَىَّ أَنْ أَصِلَ مِنْ قَرَابَتِي، وَأَمَّا الَّذِي شَجَرَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ مِنْ هَذِهِ الأَمْوَالِ، فَلَمْ آلُ فِيهَا عَنِ الْخَيْرِ، وَلَمْ أَتْرُكْ أَمْرًا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصْنَعُهُ فِيهَا إِلاَّ صَنَعْتُهُ. فَقَالَ عَلِيٌّ لأَبِي بَكْرٍ مَوْعِدُكَ الْعَشِيَّةُ لِلْبَيْعَةِ. فَلَمَّا صَلَّى أَبُو بَكْرٍ الظُّهْرَ رَقِيَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَتَشَهَّدَ وَذَكَرَ شَأْنَ عَلِيٍّ، وَتَخُلُفَهُ عَنِ الْبَيْعَةِ، وَعُذْرَهُ بِالَّذِي اعْتَذَرَ إِلَيْهِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرَ، وَتَشَهَّدَ عَلِيٌّ فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ، وَحَدَّثَ أَنَّهُ لَمْ يَحْمِلْهُ عَلَى الَّذِي صَنَعَ نَفَاسَةً عَلَى أَبِي بَكْرٍ، وَلاَ إِنْكَارًا لِلَّذِي فَضَّلَهُ اللَّهُ بِهِ، وَلَكِنَّا نَرَى لَنَا فِي هَذَا الأَمْرِ نَصِيبًا، فَاسْتَبَدَّ عَلَيْنَا، فَوَجَدْنَا فِي أَنْفُسِنَا، فَسُرَّ بِذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ وَقَالُوا أَصَبْتَ. وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى عَلِيٍّ قَرِيبًا، حِينَ رَاجَعَ الأَمْرَ الْمَعْرُوفَ.

المصدر: صحيح البخاري 4240، 4241

هذا الحديث يبين مطالبة فاطمة بميراثها من النبي صلى الله عليه وسلم ورفض أبي بكر ومسألة البيعة.

أسئلة نقدية حول موقف علي من بيعة أبي بكر:

1. لماذا لم يبايع علي أبا بكر لمدة ستة أشهر؟

ألا يدل هذا على رفضه للخلافة الشرعية وعدم قبوله لأبي بكر كخليفة؟

2. ما معنى قول علي "استبددت علينا بالأمر"؟

ألا يدل هذا على أن علي كان يعتبر أبا بكر مستبداً وغير شرعي؟

3. لماذا دفن علي فاطمة ليلاً دون إعلام أبي بكر؟

ألا يدل هذا على عداء ورفض لأبي بكر كخليفة للمسلمين؟

4. لماذا طلب علي من أبي بكر أن يأتي وحده دون عمر؟

ألا يدل هذا على عدم ثقة في عمر ورفض لموقفه من الخلافة؟

5. ما دلالة قول علي "كنا نرى لقرابتنا من رسول الله نصيباً"؟

ألا يدل هذا على أن علي كان يعتبر نفسه أحق بالخلافة بسبب القرابة؟

6. لماذا لم يبايع علي إلا بعد وفاة فاطمة؟

ألا يدل هذا على أن علي كان ينتظر وفاة فاطمة قبل قبول الواقع؟

صحيح البخاري

حَدَّثَنَا الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، وَابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ، عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ قَالَتْ وَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ اسْتَلْبَثَ الْوَحْىُ يَسْأَلُهُمَا، وَهْوَ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ لَمْ يُضَيِّقِ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سِوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ. فَقَالَ "هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَىْءٍ يَرِيبُكِ". قَالَتْ مَا رَأَيْتُ أَمْرًا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجِينِ أَهْلِهَا فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فَتَأْكُلُهُ. فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ "يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُنِي مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي، وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلاَّ خَيْرًا". فَذَكَرَ بَرَاءَةَ عَائِشَةَ. وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ عَنْ هِشَامٍ.

المصدر: صحيح البخاري 7369

هذا الحديث يبين موقف علي بن أبي طالب من حادثة الإفك ضد عائشة رضي الله عنها.

أسئلة نقدية حول موقف علي من حادثة الإفك:

1. لماذا لم يدافع علي عن عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك؟

ألا يدل هذا على عدم اهتمامه بسمعة أم المؤمنين ومكانتها عند النبي صلى الله عليه وسلم؟

2. ما معنى قول علي "لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير"؟

ألا يدل هذا على أن علي كان يرى أن عائشة قابلة للاستبدال، مما يخالف مكانة أمهات المؤمنين في الإسلام؟

3. لماذا اقترح علي على النبي أن يسأل الجارية بدلاً من الدفاع عن عائشة؟

ألا يدل هذا على أن علي كان يشك في براءة عائشة، خلافاً لأسامة بن زيد الذي أشار ببراءتها؟

4. ما الفرق بين موقف أسامة بن زيد وموقف علي من حادثة الإفك؟

ألا يدل موقف أسامة - وهو أصغر من علي - على إيمان أقوى ودفاع أصدق عن أم المؤمنين؟

5. لماذا لم يشهد علي ببراءة عائشة رضي الله عنها كما فعل أسامة؟

ألا يدل هذا على أن علي لم يكن على يقين من براءتها، أو أنه لم يكن يهتم بالدفاع عنها؟

6. ما معنى قول علي "سل الجارية تصدقك" في هذا السياق؟

ألا يدل هذا على أن علي كان يرى أن الجارية - وهي خادمة - أكثر صدقاً من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؟

صحيح البخاري

حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبَّاسٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ، قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جِهَارًا غَيْرَ سِرٍّ يَقُولُ "إِنَّ آلَ أَبِي" ـ قَالَ عَمْرٌو فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ بَيَاضٌ ـ لَيْسُوا بِأَوْلِيَائِي، إِنَّمَا وَلِيِّيَ اللَّهُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ. زَادَ عَنْبَسَةُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم "وَلَكِنْ لَهُمْ رَحِمٌ أَبُلُّهَا بِبَلاَلِهَا". يَعْنِي أَصِلُهَا بِصِلَتِهَا.

المصدر: صحيح البخاري 5990

هذا الحديث يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم ينكر أن يكون آل أبي طالب أولياؤه، وفضل الله وصالح المؤمنين أولياؤه.

أسئلة نقدية حول نفي النبي لولاية آل أبي طالب:

1. لماذا نفى النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون آل أبي طالب أولياؤه؟

ألا يدل هذا على أن النبي لم يكن يعتبر علي وأهله أولياء له بالمعنى الخاص؟

2. ما معنى قول النبي "إنما وليي الله وصالح المؤمنين"؟

ألا يدل هذا على أن النبي جعل الولاية عامة لجميع المؤمنين الصالحين، وليس خاصة بآل أبي طالب؟

3. كيف يمكن تفسير هذا الحديث في ضوء ما يُزعم من ولاية علي الخاصة؟

ألا يتناقض هذا مع ادعاءات أن النبي جعل علي ولياً خاصاً له؟

4. ما دلالة قول النبي "ولكن لهم رحم أبلها ببلالها"؟

ألا يدل هذا على أن النبي كان يربط آل أبي طالب به برباط القرابة فقط، وليس الولاية الدينية؟

5. لماذا قال النبي هذا القول جهاراً غير سر؟

ألا يدل هذا على أن النبي أراد أن يوضح هذا الأمر للجميع وليس لفئة خاصة؟

6. كيف يمكن التوفيق بين هذا الحديث وما يُروى من أحاديث الولاية؟

ألا يدل هذا على أن أحاديث الولاية الخاصة بعلي قد تكون موضوعة أو محرفة؟

صحيح البخاري

حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي مُوسَى، أَنَّهُ كَانَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ، وَفِي يَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عُودٌ يَضْرِبُ بِهِ بَيْنَ الْمَاءِ وَالطِّينِ، فَجَاءَ رَجُلٌ يَسْتَفْتِحُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم "افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ". فَذَهَبْتُ فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ "افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ". فَإِذَا عُمَرُ، فَفَتَحْتُ لَهُ وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، ثُمَّ اسْتَفْتَحَ رَجُلٌ آخَرُ، وَكَانَ مُتَّكِئًا فَجَلَسَ فَقَالَ "افْتَحْ لَهُ وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، عَلَى بَلْوَى تُصِيبُهُ أَوْ تَكُونُ". فَذَهَبْتُ فَإِذَا عُثْمَانُ، فَفَتَحْتُ لَهُ، وَبَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي قَالَ. قَالَ اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

المصدر: صحيح البخاري 6216

هذا الحديث يبين أن النبي صلى الله عليه وسلم بشر أبا بكر وعمر وعثمان بالجنة، وفضل عثمان ببلوى.

أسئلة نقدية حول بشارة النبي للخلفاء الثلاثة وغياب علي:

1. لماذا بشر النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعثمان بالجنة دون علي؟

ألا يدل هذا على أن النبي كان يرى هؤلاء الثلاثة أفضل من علي وأحق بالخلافة؟

2. ما معنى ترتيب البشارة: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان؟

ألا يدل هذا على ترتيب الفضل والمكانة عند النبي صلى الله عليه وسلم؟

3. لماذا فضل النبي عثمان ببلوى خاصة؟

ألا يدل هذا على أن النبي كان يعلم أن عثمان سيموت شهيداً، وأنه كان يرى فيه فضلاً خاصاً؟

4. كيف يمكن تفسير غياب علي من هذه البشارة؟

ألا يدل هذا على أن النبي لم يكن يعتبر علي من أفضل الصحابة أو الأحق بالخلافة؟

5. ما دلالة أن النبي قال هذا في حضور أبي موسى الأشعري؟

ألا يدل هذا على أن النبي أراد أن يوضح ترتيب الصحابة للجميع؟

6. كيف يمكن التوفيق بين هذا الحديث وما يُزعم من فضل علي الخاص؟

ألا يتناقض هذا مع ادعاءات أن علي كان أفضل الصحابة بعد النبي؟

صحيح البخاري

حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ الطَّائِفِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ، عُثْمَانِيًّا فَقَالَ لاِبْنِ عَطِيَّةَ وَكَانَ عَلَوِيًّا إِنِّي لأَعْلَمُ مَا الَّذِي جَرَّأَ صَاحِبَكَ عَلَى الدِّمَاءِ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَ " ائْتُوا رَوْضَةَ كَذَا، وَتَجِدُونَ بِهَا امْرَأَةً أَعْطَاهَا حَاطِبٌ كِتَابًا ". فَأَتَيْنَا الرَّوْضَةَ فَقُلْنَا الْكِتَابَ. قَالَتْ لَمْ يُعْطِنِي. فَقُلْنَا لَتُخْرِجِنَّ أَوْ لأُجَرِّدَنَّكِ. فَأَخْرَجَتْ مِنْ حُجْزَتِهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى حَاطِبٍ فَقَالَ لاَ تَعْجَلْ، وَاللَّهُ مَا كَفَرْتُ وَلاَ ازْدَدْتُ لِلإِسْلاَمِ إِلاَّ حُبًّا، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِكَ إِلاَّ وَلَهُ بِمَكَّةَ مَنْ يَدْفَعُ اللَّهُ بِهِ عَنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ، وَلَمْ يَكُنْ لِي أَحَدٌ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أَتَّخِذَ عِنْدَهُمْ يَدًا. فَصَدَّقَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم. قَالَ عُمَرُ دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَهُ، فَإِنَّهُ قَدْ نَافَقَ. فَقَالَ " مَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ، فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ". فَهَذَا الَّذِي جَرَّأَهُ.

المصدر: صحيح البخاري 3081

أسئلة نقدية حول ما شجّع علي على إراقة الدماء:

1. ما دلالة أن شخصاً من شيعة عثمان أخبر شيعة علي بما شجع علي على إراقة الدماء؟

ألا يدل هذا على أن علي نفسه اعترف بأن كلام النبي للبدريين هو ما شجعه على إراقة دماء المسلمين؟

2. كيف يمكن تفسير ربط علي بين كلام النبي للبدريين وإراقة الدماء؟

ألا يدل هذا على أن علي فهم كلام النبي "اعملوا ما شئتم" بشكل خاطئ، فظن أنه يمكنه قتل المسلمين بناءً عليه؟

3. لماذا لم يتوقف علي عن إراقة الدماء عندما نُصح بذلك؟

إذا كان كلام النبي للبدريين هو ما شجعه على إراقة الدماء، فلماذا لم يراجع فهمه عندما علم أن هذا الكلام كان خاصاً بالبدريين في سياق معين؟

محاربة شيخ الاسلام ابن تيمية للتشيع السني

وَأَمَّا الرَّافِضِيُّ فَإِذَا قَدَحَ فِي مُعَاوِيَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّهُ كَانَ بَاغِيًا ظَالِمًا، قَالَ لَهُ النَّاصِبِيُّ: وَعَلِيٌّ أَيْضًا كَانَ بَاغِيًا ظَالِمًا لَمَّا قَاتَلَ الْمُسْلِمِينَ عَلَى إِمَارَتِهِ، وَبَدَأَهُمْ بِالْقِتَالِ، وَصَالَ عَلَيْهِمْ، وَسَفَكَ دِمَاءَ الْأُمَّةِ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ لَهُمْ. لَا فِي دِينِهِمْ وَلَا فِي دُنْيَاهُمْ، وَكَانَ السَّيْفُ فِي خِلَافَتِهِ مَسْلُولًا عَلَى أَهْلِ الْمِلَّةِ، مَكْفُوفًا عَنِ الْكُفَّارِ.

المصدر: كتاب منهاج السنة النبوية 389/4

أسئلة نقدية حول اتهام ابن تيمية لعلي بالظلم والقتال:

1. لماذا اتهم ابن تيمية علي بأنه كان "باغياً ظالماً"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي قاتل المسلمين ظلماً وعدواناً؟

2. ما معنى قول ابن تيمية أن علي "بدأهم بالقتال"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي هو من بدأ القتال وليس المدافع؟

3. كيف يمكن تفسير اتهام ابن تيمية لعلي بـ"سفك دماء الأمة بغير فائدة"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن حروب علي كانت غير مبررة وضارة بالمسلمين؟

4. ما دلالة قول ابن تيمية "كان السيف في خلافته مسلولاً على أهل الملة، مكفوفاً عن الكفار"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي استخدم القوة ضد المسلمين بدلاً من الكفار؟

5. كيف يمكن تفسير هذا الموقف من ابن تيمية تجاه علي؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي لم يكن أفضل من معاوية في العدل والحق؟

فَإِنَّ عَلِيًّا قَاتَلَ عَلَى الْوِلَايَةِ، وَقُتِلَ بِسَبَبِ ذَلِكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ [عَظِيمٌ]، وَلَمْ يَحْصُلْ فِي وِلَايَتِهِ لَا قِتَالٌ لِلْكُفَّارِ، وَلَا فَتْحٌ لِبِلَادِهِمْ، وَلَا كَانَ الْمُسْلِمُونَ فِي زِيَادَةِ خَيْرٍ، وَقَدْ وَلَّى مِنْ أَقَارِبِهِ مَنْ وَلَّاهُ، فَوِلَايَةُ الْأَقَارِبِ مُشْتَرَكَةٌ، وَنُوَّابُ عُثْمَانَ كَانُوا أَطْوَعَ مِنْ نُوَّابِ عَلِيٍّ وَأَبْعَدَ عَنْ الشَّرِّ. وَأَمَّا الْأَمْوَالُ الَّتِي تَأَوَّلَ فِيهَا [عُثْمَانُ]، فَكَمَا تَأَوَّلَ عَلِيٌّ فِي الدِّمَاءِ. وَأَمْرُ الدِّمَاءِ أَخْطَرُ وَأَعْظَمُ.

المصدر: كتاب منهاج السنة النبوية 191/6

أسئلة نقدية حول اتهام ابن تيمية لعلي في الولاية والقتال:

1. لماذا اتهم ابن تيمية علي بأنه "قاتل على الولاية"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي قاتل من أجل السلطة وليس من أجل الحق؟

2. ما معنى قول ابن تيمية "قتل بسبب ذلك خلق كثير"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي مسؤول عن قتل الكثير من المسلمين؟

3. كيف يمكن تفسير اتهام ابن تيمية بأن علي "لم يحصل في ولايته لا قتال للكفار ولا فتح لبلادهم"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن خلافة علي كانت فاشلة في الجهاد والفتوحات؟

4. ما دلالة قول ابن تيمية "ولى من أقاربه من ولاه"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي مارس المحسوبية والعائلية في الحكم؟

5. لماذا قارن ابن تيمية بين نواب عثمان ونواب علي؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن عثمان كان أفضل من علي في اختيار الولاة؟

فَإِنَّ الثَّلَاثَةَ اجْتَمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَيْهِمْ فَحَصَلَ بِهِمْ مَقْصُودُ الْإِمَامَةِ، وَقُوتِلَ بِهِمُ لْكُفَّارُ، وَفُتِحَتْ بِهِمُ الْأَمْصَارُ. وَخِلَافَةُ عَلِيٍّ لَمْ يُقَاتَلْ فِيهَا كُفَّارٌ، وَلَا فُتِحَ مِصْرٌ، وَإِنَّمَا كَانَ السَّيْفُ بَيْنَ أَهْلِ الْقِبْلَةِ.

المصدر: كتاب منهاج السنة النبوية 546/1

أسئلة نقدية حول مقارنة ابن تيمية بين الخلفاء الثلاثة وعلي:

1. لماذا قارن ابن تيمية بين الخلفاء الثلاثة وعلي في الجهاد والفتوحات؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي أقل من الخلفاء الثلاثة في الجهاد والفتوحات؟

2. ما معنى قول ابن تيمية "خلافة علي لم يقاتل فيها كفار ولا فتح مصر"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن خلافة علي كانت فاشلة في الجهاد والفتوحات؟

3. كيف يمكن تفسير قول ابن تيمية "وإنما كان السيف بين أهل القبلة"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي قاتل المسلمين بدلاً من الكفار؟

4. ما دلالة قول ابن تيمية أن الخلفاء الثلاثة "اجتمعت الأمة عليهم"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي لم تحظ خلافته بإجماع الأمة؟

5. لماذا تجاهل ابن تيمية الظروف التي أحاطت بخلافة علي؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي مسؤول عن الفتنة التي حدثت في عصره؟

6. كيف يمكن تفسير هذا الموقف من ابن تيمية تجاه علي؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي لم يكن أهلاً للخلافة مثل الخلفاء الثلاثة؟

أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَخْبَرَ أَنَّهُ سَيَجْعَلُ لِلَّذِينِ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وُدًّا. وَهَذَا وَعْدٌ مِنْهُ صَادِقٌ. وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ لِلصَّحَابَةِ مَوَدَّةً فِي قَلْبِ كُلِّ مُسْلِمٍ، لَا سِيَّمَا الْخُلَفَاءُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، لَا سِيَّمَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ ; فَإِنَّ عَامَّةَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَانُوا يَوَدُّونَهُمَا، وَكَانُوا خَيْرَ الْقُرُونِ. وَلَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ عَلِيٌّ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ كَانُوا يُبْغِضُونَهُ وَيَسُبُّونَهُ وَيُقَاتِلُونَهُ.

المصدر: منهاج السنة النبوية 138/7

أسئلة نقدية حول ادعاء ابن تيمية أن الصحابة كانوا يبغضون علي:

1. لماذا ادعى ابن تيمية أن "كثيراً من الصحابة والتابعين كانوا يبغضونه"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي لم يكن محبوباً من الصحابة؟

2. ما معنى قول ابن تيمية أن الصحابة "كانوا يسبونه ويقاتلونه"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي كان مكروهاً ومحارباً من الصحابة؟

3. كيف يمكن تفسير مقارنة ابن تيمية بين علي والخلفاء الثلاثة في المحبة؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي أقل من الخلفاء الثلاثة في المحبة والقبول؟

4. ما دلالة قول ابن تيمية أن الله "جعل للصحابة مودة في قلب كل مسلم"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي ليس من الصحابة المحبوبين؟

5. لماذا تجاهل ابن تيمية الأحاديث التي تثبت محبة النبي لعلي؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي لم يكن محبوباً من النبي أيضاً؟

6. كيف يمكن تفسير هذا الموقف من ابن تيمية تجاه علي؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي لم يكن من الصحابة الأبرار المحبوبين؟

كَانَ لِنَاصِبِيٍّ أَنْ يَقُولَ: بِأَيِّ وَجْهٍ يَلْقَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ قَاتَلَ امْرَأَتَهُ وَسَلَّطَ عَلَيْهَا أَعْوَانَهُ حَتَّى عَقَرُوا بِهَا بَعِيرَهَا، وَسَقَطَتْ مِنْ هَوْدَجِهَا، وَأَعْدَاؤُهَا حَوْلَهَا يَطُوفُونَ بِهَا كَالْمَسْبِيَّةِ الَّتِي أَحَاطَ بِهَا مَنْ يَقْصِدُ سِبَاءَهَا؟ وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا فِي مَظِنَّةِ الْإِهَانَةِ لِأَهْلِ الرَّجُلِ وَهَتْكِهَا وَسِبَائِهَا وَتَسْلِيطِ الْأَجَانِبِ عَلَى قَهْرِهَا وَإِذْلَالِهَا وَسَبْيِهَا وَامْتِهَانِهَا - أَعْظَمُ مِنْ إِخْرَاجِهَا مِنْ مَنْزِلِهَا بِمَنْزِلَةِ الْمَلِكَةِ الْعَظِيمَةِ الْمُبَجَّلَةِ الَّتِي لَا يَأْتِي لَيْهَا أَحَدٌ إِلَّا بِإِذْنِهَا، وَلَا يَهْتِكُ أَحَدٌ سِتْرَهَا، وَلَا يَنْظُرُ فِي خِدْرِهَا.

المصدر: منهاج السنة النبوية 354/4

هذا النص يوضح نظرة الإمام ابن تيمية لعلي بن أبي طالب وموقفه من الفتنة التي حدثت في عصره.

أسئلة نقدية حول وصف ابن تيمية لمعاملة علي لأم المؤمنين عائشة:

1. لماذا وصف ابن تيمية علي بأنه "قاتل امرأته"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي قاتل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها؟

2. ما معنى قول ابن تيمية أن علي "سلط عليها أعوانه حتى عقر بها بعيرها"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي أمر بقتل بعير عائشة وإسقاطها من الهودج؟

3. كيف يمكن تفسير وصف ابن تيمية لعائشة بأنها "كالمسبية التي أحاط بها من يقصد سباءها"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي عامل عائشة كأسيرة محاطة بالأعداء؟

4. ما دلالة قول ابن تيمية أن هذا "في مظنة الإهانة لأهل الرجل وفتكها وسبائها"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي أهان وأذل أم المؤمنين عائشة؟

5. لماذا قارن ابن تيمية بين معاملة علي لعائشة وإخراجها من منزلها؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي ارتكب جريمة أعظم من إخراج عائشة من منزلها؟

6. كيف يمكن تفسير هذا الموقف من ابن تيمية تجاه علي وعائشة؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي لم يحترم حرمة أم المؤمنين عائشة؟

سؤال موجه للمسلمين:

إذا كان علي بن أبي طالب قد قاتل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في معركة الجمل، كما يتفق الجميع على ذلك، فالسؤال الذي يطرح نفسه:

لو كان علي في معركة الجمل، وكان هناك من يريد الاعتداء على عائشة رضي الله عنها أو إهانتها، فهل كان علي سيدافع عنها؟

هذا السؤال يكشف التناقض الواضح في الموقف. فإذا كان علي قد قاتل عائشة بنفسه في معركة الجمل، وأمر بقتل بعيرها وإسقاطها من الهودج، وعاملها كالمسبية المحاطة بالأعداء - كما يصف ابن تيمية - فكيف يمكن الادعاء أنه كان سيدافع عنها لو كان في مكان آخر؟

الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن علي قاتل عائشة في معركة الجمل، وليس العكس. فكيف يكون من قاتل امرأة وزوجة النبي صلى الله عليه وسلم، وأهانها وأذلها، هو نفسه من سيدافع عنها لو كان في موقف آخر؟

إن معركة الجمل كانت أكبر دليل على موقف علي من عائشة رضي الله عنها، وأكبر شهادة على أنه لم يدافع عنها بل قاتلها، وهذا ما لا يمكن دفعه أو إنكاره.

وَلَكِنَّ الْمَرْوِيَّ أَنَّهُ مَا قَلَعَ بَابَ الْحِصْنِ حَتَّى عَبَرَهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَا رَمَى فِي مَنْجَنِيقٍ قَطُّ وَعَامَّةُ هَذِهِ الْمَغَازِي الَّتِي تُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ: قَدْ زَادُوا فِيهَا أَكَاذِيبَ كَثِيرَةً؛ مِثْلَ مَا يَكْذِبُونَ فِي سِيرَةِ عَنْتَرَةَ وَالْأَبْطَالِ وَجَمِيعِ الْحُرُوبِ الَّتِي حَضَرَهَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةُ حُرُوبٍ الْجَمَلُ وصفين وَحَرْبُ أَهْلِ النهروان. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

المصدر: كتاب مجموع الفتاوى 493/4

أسئلة نقدية حول إنكار ابن تيمية لإنجازات علي العسكرية:

1. لماذا أنكر ابن تيمية أن علي قلع باب الحصن؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي لم يكن له إنجازات عسكرية حقيقية؟

2. ما معنى قول ابن تيمية أن علي "لا رمى في منجنيق قط"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي لم يكن ماهراً في استخدام الأسلحة؟

3. كيف يمكن تفسير قول ابن تيمية أن "عامة هذه المغازي التي تروى عن علي قد زادوا فيها أكاذيب كثيرة"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن قصص بطولة علي مكذوبة ومختلقة؟

4. ما دلالة مقارنة ابن تيمية بين قصص علي وسيرة عنترة والأبطال؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن قصص علي أساطير وخرافات؟

5. لماذا قصر ابن تيمية حروب علي على "ثلاثة حروب: الجمل وصفين وحرب أهل النهروان"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي لم يشارك في فتوحات إسلامية حقيقية؟

6. كيف يمكن تفسير هذا الموقف من ابن تيمية تجاه إنجازات علي العسكرية؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي لم يكن فارساً أو قائداً عسكرياً حقيقياً؟

ما السبب الذي جعل عليّ بن أبي طالب يمكث ربع قرن من غير مشاركة في الفتوحات والمعارك الكبرى؟

ما السبب الذي جعل عليّ بن أبي طالب يمكث ربع قرن من غير مشاركة في الفتوحات والمعارك الكبرى التي خاضها الصحابة رضي الله عنهم بعد وفاة النبي ﷺ، مع أنّ تلك المعارك كانت فاصلة في تاريخ الإسلام، فهل كان ذلك لعدم رغبته في المشاركة ، أم لكون الصحابة لم يُشركوه لسببٍ خفيٍّ لا نعلمه؟

وَمَعَ هَذَا فَلَمْ يَتَمَكَّنْ فِي خِلَافَتِهِ مِنْ غَزْوِ الْكُفَّارِ، وَلَا فَتْحِ مَدِينَةٍ، وَلَا قَتَلَ كَافِرًا، بَلْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ قَدِ اشْتَغَلَ بَعْضُهُمْ بِقِتَالِ بَعْضٍ، حَتَّى طَمِعَ فِيهِمُ الْكُفَّارُ بِالشَّرْقِ وَالشَّامِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ، حَتَّى يُقَالَ إِنَّهُمْ أَخَذُوا بَعْضَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ (٣) ، وَإِنَّ بَعْضَ الْكُفَّارِ كَانَ يُحْمَلُ إِلَيْهِ كَلَامٌ حَتَّى يَكُفَّ عَنِ الْمُسْلِمِينَ، فَأَيُّ عِزٍّ لِلْإِسْلَامِ فِي هَذَا، وَالسَّيْفُ يَعْمَلُ فِي الْمُسْلِمِينَ، وَعَدُّوهُمْ قَدْ طَمِعَ فِيهِمْ وَنَالَ مِنْهُمْ؟ !

المصدر: كتاب منهاج السنة النبوية 241/8

فَالشَّرُّ وَالْفَسَادُ الَّذِي فِي شِيعَةِ عَلِيٍّ أَضْعَافُ أَضْعَافِ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ الَّذِي فِي شِيعَةِ عُثْمَانَ، وَالْخَيْرُ وَالصَّلَاحُ الَّذِي فِي شِيعَةِ عُثْمَانَ، (* أَضْعَافُ أَضْعَافِ الْخَيْرِ الَّذِي فِي شِيعَةِ عَلِيٍّ. وَبَنُو أُمَيَّةَ كَانُوا شِيعَةَ عُثْمَانَ *) (١) ، فَكَانَ الْإِسْلَامُ وَشَرَائِعُهُ فِي زَمَنِهِمْ أَظْهَرَ وَأَوْسَعَ مِمَّا كَانَ بَعْدَهُمْ.

المصدر: كتاب منهاج السنة النبوية 238/8

أسئلة نقدية حول مقارنة ابن تيمية بين شيعة علي وشيعة عثمان:

1. لماذا ادعى ابن تيمية أن "الشر والفساد الذي في شيعة علي أضعاف أضعاف الشر والفساد الذي في شيعة عثمان"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن أتباع علي أسوأ بكثير من أتباع عثمان؟

2. ما معنى قول ابن تيمية أن "الخير والصلاح الذي في شيعة عثمان أضعاف أضعاف الخير الذي في شيعة علي"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن أتباع عثمان أفضل بكثير من أتباع علي؟

3. كيف يمكن تفسير قول ابن تيمية أن "بني أمية كانوا شيعة عثمان"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن بني أمية هم أتباع عثمان الصالحون؟

4. ما دلالة قول ابن تيمية أن "الإسلام وشرائعه في زمنهم أظهر وأوسع مما كان بعدهم"؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن عصر بني أمية كان أفضل من عصر علي؟

5. لماذا قارن ابن تيمية بين أتباع علي وأتباع عثمان بهذا الشكل؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي أقل من عثمان في القيادة والصلاح؟

6. كيف يمكن تفسير هذا الموقف من ابن تيمية تجاه علي وأتباعه؟

ألا يدل هذا على أن ابن تيمية كان يرى أن علي وأتباعه أقل صلاحاً من عثمان وأتباعه؟

هل عليّ بن أبي طالب هو الخليفة الرابع حقًّا؟

يؤمن جمهور (السُّنة المسلمين) والشيعة أن عليّ بن أبي طالب هو رابع الخلفاء الراشدين، بل إنّ بعض أهل السُّنة يرفعونه إلى مقامٍ يراه أسمى من سابقيه في الفضل والزهد والعلم. غير أنّ التمعّن في وقائع التاريخ المدوَّن يفتح باباً آخر للفهم؛ إذ تكشف القراءة المتأنّية لتسلسل الأحداث أنّ علياً لم يكن، في المعايير السياسية والاجتماعية التي سادت زمن الراشدين، استمراراً لذلك النمط من الخلافة التي تأسست على مبدأ الشورى وإجماع الصفّ الأول من قريش.

فقد اجتمع الخيار من الصحابة بعد وفاة النبي ﷺ على ثلاثة خلفاء تعاقبوا وفق موازين واضحة: السبق في الإسلام، والمكانة في قريش، والدور القيادي في خدمة الدين منذ فجره. أما علي، لم يحظَ بإجماع الصفّ القرشي ولا بتأييد أهل الشورى الذين أناط بهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه مهمة اختيار الخليفة بعده.

كان عمر قد وضع نظاماً محدداً يقوم على تصويت ستة من كبار الصحابة: عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف. وحين آلت الخلافة إلى عثمان، ثم قُتل، لم يبق من هؤلاء سوى أربعة، وتشير معظم الروايات إلى أنّ الثلاثة الآخرين لم يبايعوا علياً طوعاً، بل غلبهم السيف واضطروا إلى البيعة تحت ضغط الثائرين الذين أحاطوا بالمدينة. وما إن خرج طلحة والزبير منها حتى أعلنا تبرؤهما من تلك البيعة، لتسقط بذلك شرعيتها المعنوية والسياسية معاً. (للعلم الذي ابتدع بدعة تربيع علي هو الإمام أحمد بن حنبل)

إثبات تاريخي


ولمّا فقد عليّ سند الشورى، لجأ إلى سند السيف، فدخل معترك الحكم وهو محاط بتحالفٍ هشّ جمع بينه وبين قتلة عثمان، طلباً لشرعية الغلبة بعد أن تعذّرت عليه شرعية الاختيار. ومن هنا بدأت التصدّعات. فقد واجه معارضة واسعة حين رفض القصاص من قتلة عثمان، مخالفاً بذلك مطلباً شرعياً واضحاً عند خصومه، ثم زاد من الاحتقان حين أقال ولاته الذين عيّنهم عثمان واستبدل بهم آخرين اتُّهم بعضهم بالعبث بمال المسلمين دون حسابٍ ولا رادع. كلّ ذلك أضعف مكانته بين كبار الصحابة وأهل الرأي، حتى وجد نفسه محاصَراً بين خصومة الداخل وتمرد الأطراف.

من هذا المنظور، يمكن القول إنّ علياً لم يكن استمراراً لذلك النموذج الراشدي الذي عرفته الأمة في بداياتها، بل مثّل بداية مرحلة اضطراب سياسي أنهك الدولة وأضعف بنيتها، حتى تهيّأت الساحة لمعاوية بن أبي سفيان ليلتقط خيوط السلطة ويؤسس الإمبراطورية الأموية، التي مثّلت تحوّلاً جذرياً من الخلافة إلى المُلك.

ولا يراد من هذا التوصيف الانتقاص من مقام علي أو تجريده من بعض فضائله إن صحت لأن الكثير والكثير من أحاديث فضائل علي لا تصح إطلاقاً.

وأد التشيع السني

هذا القسم مخصص لمناقشة ظاهرة التشيع السني وطرق مقاومتها.

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ، عَنْ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ عَهِدَ إِلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ لَا يُحِبُّكَ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ.

المصدر: مسند أحمد 731

بَعَثَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَلِيًّا إلى خَالِدٍ لِيَقْبِضَ الخُمُسَ، وكُنْتُ أُبْغِضُ عَلِيًّا، وقَدِ اغْتَسَلَ، فَقُلتُ لِخَالِدٍ: ألَا تَرَى إلى هذا! فَلَمَّا قَدِمْنَا علَى النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ذَكَرْتُ ذلكَ له، فَقالَ: يا بُرَيْدَةُ، أتُبْغِضُ عَلِيًّا؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، قالَ: لا تُبْغِضْهُ؛ فإنَّ له في الخُمُسِ أكْثَرَ مِن ذلكَ.

الراوي: بريدة بن الحصيب الأسلمي | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري | الصفحة أو الرقم: 4350 | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

💡 تحليل نقدي: لاحظ أن بريدة بن الحصيب الأسلمي رضي الله عنه كان يبغض علياً ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك صراحة. ومع ذلك، لم يقل له النبي صلى الله عليه وسلم: "أنت منافق" أو "أنت كافر" أو أي شيء من هذا القبيل، بل نصحه فقط قائلاً: "لا تُبْغِضْهُ؛ فإنَّ له في الخُمُسِ أكْثَرَ مِن ذلكَ." وهذا دليل واضح على أن الحديث الذي يقول "لا يُبْغِضُكَ إِلَّا مُنَافِقٌ" لا يُفهم على إطلاقه، وإلا لكان بريدة منافقاً، وهو من الصحابة الأبرار رضي الله عنهم. فالحديث إنما هو في سياق خاص، وليس قاعدة عامة تكفّر كل من يبغض علياً.

إنّ الله سبحانه وتعالى لم يترك للناس باب الإيمان دون تبيين، بل رسمه في كتابه بأوضح بيان، فقال:

﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ، كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ﴾ [البقرة:285].

فأصل الإيمان هو التصديق بالله ورسوله وما جاء به من الهدى، لا التعلّق بشخصٍ من بعده، ولا جعل المحبة لشخصٍ من المؤمنين ميزانًا للجنّة والنار.

ومن زاد على هذا الأصل فقد جعل في الدين ما لم يأذن به الله، وقد قال تعالى:

﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ﴾ [الشورى:21].

✦ 1. ميزان الإيمان في القرآن لا في الأشخاص

الإيمان له علامات قرآنية ظاهرة:

﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ، وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ، أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾ [الأنفال:2-4].

هذه صفات بيّنها الله بنفسه، ولم يجعل منها حبَّ أحدٍ من خلقه غير رسوله ﷺ.

ولو كانت محبة عليٍّ أو غيره شرطًا للإيمان، لصرّح بها الله كما صرّح بوجوب محبة النبيّ ﷺ وطاعته، قال تعالى:

﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ﴾ [آل عمران:31].

فجعل الاتباع للنبي ﷺ وحده هو مِفتاح المحبة الإلهية، لا الحبّ العاطفيّ للأفراد.

✦ 2. الولاية الكبرى لله ولرسوله وللمؤمنين جميعًا

قال تعالى:

﴿إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ﴾ [المائدة:55].

وهذه الآية عامّة في المؤمنين جميعًا، لأن وصفهم بـ«الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة» وصفٌ جامع لا يُخصّ به واحد دون غيره.

فولاية المؤمنين متبادلة، لا تُحصر في شخصٍ ولا في نسلٍ.

وقال تعالى أيضًا:

﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ﴾ [التوبة:71].

فجعل الله الولاية دائرةً على الإيمان والعمل، لا على الاسم ولا على النسب.

أما من حصر الولاية في شخصٍ واحد، فقد ضيّق ما وسّع الله، ونقض أصل المساواة بين المؤمنين في دار الإيمان.

✦ 3. الحاكمية لله وحده يوم الدين

إنّ جعل حبّ عليٍّ ميزانًا بين الجنة والنار، يُفضي إلى القول بوجود حاكميةٍ غير حاكمية الله يوم القيامة.

وهذا باطل بنصّ القرآن:

﴿الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ، يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ﴾ [الحج:56].

﴿لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ؟ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ﴾ [غافر:16].

فلا أحد يُحاسب الناس على محبتهم إلا الله، ولا أحد يملك لهم ضرًّا ولا نفعًا.

أما النبي ﷺ فوظيفته البلاغ والبيان، لا الحكم على القلوب، قال تعالى:

﴿إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ، وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ﴾ [القصص:56].

فكيف يُجعل حبُّ عليٍّ هدايةً لازمةً للجنة والله يقول إن الهداية بيده وحده؟

✦ 4. منطق الغلوّ في الأتباع

الغلاة من الشيعة جعلوا حديث «لا يحبك إلا مؤمن ولا يبغضك إلا منافق» أصلًا من أصول العقيدة، رغم علّة إسناده وتدليس راويه.

ومعنى الحديث – لو صحّ – لا يتجاوز كون محبة عليٍّ من علامات الإيمان الكامل، كما أن محبة سائر الصحابة من علامات الإيمان، وبغضهم من خصال النفاق، دون أن تكون شرطًا في أصل الإسلام.

وقد نبّه شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (ج5 ص11-13) فقال:

"الحديث – إن صح – فمعناه أن حبّ عليٍّ من خصال الإيمان، وبغضه من خصال النفاق، كما أن بغض الأنصار من خصال النفاق، ولا يلزم من ذلك تكفير من أبغضه لسبب دنيوي، فإن كثيرًا من الصحابة اختلفوا وتقاتلوا ولم يكن أحدهم كافرًا ولا منافقًا."

ثم قال في موضع آخر (ج6 ص184):

"لم يكن الذين قاتلوا عليًّا كفارًا ولا منافقين، بل كان فيهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار، وإنما كان قتالهم له عن اجتهاد."

فهؤلاء الذين قاتلوه – وفيهم من شهد بدرًا وبيعة الرضوان – لم يسلبهم اختلافهم الإيمان، فكيف يُجعل بغض عليٍّ مطلقًا نفاقًا وكفرًا؟

✦ 5. الآية التي نسيتْها الفرق

القرآن قرر قاعدةً عظيمة في الولاء والطاعة، فقال:

﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾ [الأحزاب:6].

فهذه الآية حدّدت الولاية العليا في النبي ﷺ وحده، وجعلت أزواجه في مقام الأمومة للمؤمنين، أي في حرمة الذكر والدفاع والتعظيم.

فمن أبغض أم المؤمنين فقد أبغض ما عظّمه الله، ومن أحبَّ النبيَّ وجب عليه أن يُجِلَّ أزواجه وأصحابه كافة.

أما أن تُجعل محبة عليٍّ وحدها معيار الإيمان، فهذا خروج صريح على النصّ القرآني، الذي جعل المعيار هو الإيمان بالله ورسوله والطاعة للشرع، لا الحبّ لشخصٍ من بعد النبي.

✦ 6. التوازن في الصحبة والولاية

إنّ الصحابة جميعًا – بمن فيهم عليٌّ رضي الله عنه – محلّ محبة وتوقير، لكن التفريق بينهم في أصل الدين خطأٌ بيّن.

قال تعالى:

﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ، وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا، رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ﴾ [الحشر:10].

فمدح الله من دعا لجميع الصحابة بالمغفرة، ولم يخصّ أحدًا دون أحدٍ بالمحبة أو البغض، فمن جعل ميزان الإيمان حبّ فردٍ منهم دون غيره فقد خالف الآية ونقض المبدأ القرآني في الموالاة الشاملة للمؤمنين.

✦ الخاتمة

فمن أراد النجاة فليزن إيمانه بميزان القرآن، لا بميزان الأهواء والدماء.

قال تعالى:

﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف:110].

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ "الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَبُوهُمَا خَيْرٌ مِنْهُمَا".

المصدر: سنن ابن ماجه 118

تحليل الحديث

1. المطلب الأول — حالة الرواية وأصلها

القول: إن ثمة حديثًا قطعيًّا أو حجةً نصّية ثابتة على كون الحسن والحسين «سَيِّدا شباب أهل الجنة» — قولٌ لا أصل له في كتب الصحاح المعتمدة لدى أهل الحديث، ولا يستند إلى سند صحيح متفق عليه. ومنهج العلم الحديث في دراسة الأحاديث يطلب تقرير السند وبيان حال الراوي، وفحص الإسناد والنصّ؛ وما لم يتوفّر سند صحيح متصل ومعلوم الحال فلا يصح الاحتجاج به عند الأصوليين.

ولهذا، فإن اعتماد مثل هذا الخبر كعقيدةٍ أو كركنٍ من أركان الإيمان لا يجوز شرعًا ما لم يثبت بسند موثّق ومتواتر أو بصحيح متصل.

2. المطلب الثاني — التناقض العقلي والربّاني

أ. السيادة والربوبية لله وحده: من ثوابت التوحيد أنَّ الملك والربوبية والمُلك جلّ جلاله لله وحده، فقد بيّن القرآن أنَّ لله المُلك وتدبير الأمور، وأنّه هو المالك الحكيم. فلا معقول ولا مقبول عقلاً أن يُقام في دار الجزاء (الجنة) نظام سيادةٍ وتبعيةٍ بالمفهوم الدنيويِّ الذي يقتضي امتثالًا وإكراهًا وفرض أمر ونهي من مخلوق على مخلوق. الجنة دار نعيمٍ وجزاءٍ لا دارَ عملٍ وشقاءٍ وقيادةٍ بالقسر.

ب. طبيعة الجنة وحرية المتنعِّمين: القرآن والسُّنة توصّفان أهل الجنة بالمباهج والألفة والسرور، لا بصور من الخضوع السياسي والسلطويّة التي تُحيلهم إلى مراتب تبعيةٍ وامتلاكٍ بين بعضهم وبعض. إنْ قيل إنَّ «السَّيادة» هنا بمعنى التقدّم والتميّز المحمود لا السيادة السلطوية، فالاثبات يتطلّب سندًا صريحًا يبيّن ذلك؛ أما مجرد الترداد اللفظي فليس بحجة.

3. المطلب الثالث — إمكان التفضيل على الأنبياء والمرسلين

لو صحّ — بالقبول الظاهري — أن للحسنين «سَيْدًا» بين شباب أهل الجنة، فهذا يقتضي تفضيلًا رتبيًّا عليهم واقتدارًا في الجنة حتى على بعض الأنبياء والمرسلين وأولي العزم، وهو أمر يفتقر إلى أدلة صريحة ويخالف مبادئ العدل الإلهي التي جعلت التفاضل بالأعمال والتقوى والمراتب القرآنية للأنبياء فوق سائر الخلائق. لا يجوز أن يترتَّب الاعتقاد بأن فضلًا موروثًا بالنسب يقدّم صاحبه على من فضّلهم الله بالرسالة والنبوة أو بالعمل الصالح.

4. المطلب الرابع — اللغة والدلالة

لفظ «سيد» لغةً يدلّ على السيادة والزعامة، وفي الاصطلاح قد يُستعمل بمعانٍ متعددة (رأس، زعيم، أو متميز). لكنّ استعماله في مقام وصف منزلة في الآخرة يحتاج إلى بيانٍ نصّيٍّ يوضح المراد: هل المقصود منزلة شرفٍ بلا تبعية أم ابتداءً لولاءٍ؟ غياب النصّ الحاسم يجعل من هذا الاستعمال مباحًا في الكلام الأدبي، لكنه غير كافٍ للحكم العقائدي.

5. المطلب الخامس — أثر الترويج وطنيجة الانقسام

ثبات حديثٍ مكذوبٍ بميزةٍ خاصة يتعلق بابنَي النبي ﷺ يُولِّد آثارًا اجتماعيةً سلبيةً: إذ يرسّخ - إذا ثَبَتَ الزعمُ خطأً - مبررات تفرقةٍ مذهبيةٍ، ويُغذي منطقًا يضع النسب فوق العمل، وهو منطقٌ يتعارض مع روح الوحدة الإسلامية التي تؤكّد الأخوة في الإيمان والمواساة بالفضل والتقوى. والتاريخ الاجتماعي للأُمّة يُبيّن أنّ أي مبالغاتٍ في التقديس النَسَبيّ تقود إلى اختلالٍ في الاعتبار العلمي والخلقي.

6. المطلب السادس — مبدأ التمييز بين الحبّ والقدْر والتقديس

لا يُنكر أحد فضل الحسن والحسين رضي الله عنهما ومكانتهما في قلوب المسلمين؛ إنما الخطر أن يتحول هذا الفضل الطبيعيّ إلى عقيدةٍ تجيز لمن ادّعاها تفضيلاً خارج ميزان الشرع. الحبّ للصحابة ولأهل بيت النبي لا يوجب تحويل مشاعر الإكبار إلى ادعاءاتٍ ثابتةٍ عقائدياً ما لم تثبت نصًّا صحيحًا.

حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَصْبَهَانِيِّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ، رَبِيبِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلمَّ : ( إنمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) فِي بَيْتِ أُمِّ سَلَمَةَ فَدَعَا فَاطِمَةَ وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ وَعَلِيٌّ خَلْفَ ظَهْرِهِ فَجَلَّلَهُمْ بِكِسَاءٍ ثُمَّ قَالَ "اللَّهُمَّ هَؤُلاَءِ أَهْلُ بَيْتِي فَأَذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا" . قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ وَأَنَا مَعَهُمْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ "أَنْتِ عَلَى مَكَانِكِ وَأَنْتِ عَلَى خَيْرٍ" . قَالَ هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ حَدِيثِ عَطَاءٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ .

المصدر: جامع الترمذي 3205

في تحرير مصطلح "أهل البيت" بين البيان القرآني والتأويل الباطني

إنَّ من أعظم ما ابتُلي به التراث الإسلامي من تحريفات المعاني وتبديل المفاهيم، ما كان تحت دعوى التبجيل والتعظيم، حتى غُيّرت الألفاظ عن مواضعها، وصُرف اللسان القرآني عن دلالته الأصيلة إلى معانٍ باطنية ما أنزل الله بها من سلطان. ومن أبرز تلك المصطلحات التي لحقها التلبيس: "أهل البيت".

لقد جاء هذا اللفظ في القرآن الكريم على وجه بيّن لا غموض فيه، ووروده في ثلاثة مواضع صريحة كافٍ في بيان معناه لمن ألقى السمع وهو شهيد.

ففي قوله تعالى على لسان الملائكة لزوج إبراهيم عليه السلام:

﴿رَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ﴾ [هود:73]

خوطبت المرأة، زوج إبراهيم، بوصف "أهل البيت"، إذ لم يكن الخطاب لأبناء ولا لأتباع، بل لساكنة البيت ورفيقة الزوج.

وكذلك في قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام:

﴿هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ [القصص:12]

والمراد امرأة ترضع موسى ومن معها في بيتها، فجاءت الكلمة وصفًا لبيتٍ تسكنه امرأة، لا لذريةٍ ولا لعقبٍ ولا لقرابةٍ نسبية.

ثم جاء الموضع الثالث وهو الأوضح والأجلى، قوله تعالى في سورة الأحزاب:

﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب:33]

فالسياق كله قبلها وبعدها في خطاب نساء النبي ﷺ:

﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾، ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ﴾، ﴿وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ﴾، ﴿وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾

ثم خُتم بقوله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ﴾، فجاء الضمير مذكّرًا لموافقة لفظ "أهل" المذكر، لا لتبدّل المخاطب من النساء إلى الرجال، كما توهَّم من جهل بلسان العرب.

فالقرآن إذًا بيّن أن "أهل البيت" هم أزواج النبي ﷺ أمهات المؤمنين، وهنّ اللواتي خُوطبن بالتطهير والتشريف، لا غيرهن.

وقد جاء تأكيد هذا المعنى في السنة الصحيحة، كما في "صحيح البخاري" (4775):

"خرج النبي ﷺ فانطلق إلى حجرة عائشة فقال: السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله، فقالت: وعليك السلام ورحمة الله، كيف وجدت أهلك؟ بارك الله لك…"

فخاطب أزواجه جميعًا بهذا اللفظ، ولم يخص به أحدًا من قرابته، فدل الحديث دلالة صريحة على أن "أهل البيت" هم نساؤه، وأن المراد بالبيت هو بيت السكن والمساكنة الزوجية، لا بيت النسب ولا بيت العشيرة.

وأما الذين أرادوا إدخال عليٍّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم في مسمى "أهل البيت" بالمعنى القرآني، فقد جمعوا بين الخلط اللغوي والتأويل المذهبي.

فـ"أهل الرجل" شيء، و"أهل بيته" شيء آخر، إذ الأول يشمل القرابة والأتباع، أما الثاني فخاصٌّ بالزوجة ومن يسكن البيت معه.

وقد فرّق العرب في استعمالهم بين "أهله" و"آله"، فجعلوا "الآل" للأتباع في الدين والملة، كما في قوله تعالى:

﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [غافر:46]

فكان "آل فرعون" أتباعه لا أولاده.

ومن هنا يتبيّن أن ما شاع من تعبير "آل البيت" ليس من القرآن ولا من لغة العرب، بل هو تركيب محدث أحدثه المتكلمون والباطنيون بعد عصر الوحي، وأُريد به تثبيت دعوى سلالية تُقدّس النسب وتُقصي النص.

وإن كان لأهل بيت النبي ﷺ من فضل وكرامة، فذلك من باب القدوة والإيمان لا من باب الدم والنسب، إذ قال تعالى:

﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات:13]

ولم يقل: أنسبكم أو أقربكم.

فكلّ محاولة لجرّ مفهوم "أهل البيت" إلى ميدان العصبية النسبية أو الوراثة الدينية هي في حقيقتها خروج عن منطق القرآن ولغة الوحي، وإحياء لفكرٍ جاهليٍّ يستبدل التقوى بالدم، ويجعل الولاء للدين نسبًا لا عقيدة.

✦ الخاتمة

إنّ القرآن الكريم حين خاطب "أهل البيت"، إنما أراد أمهات المؤمنين، نساء النبي ﷺ، اللاتي شملهنّ التطهير والخطاب الرباني، وارتفع بهنّ إلى مقامٍ لا يدخله أحد غيرهن.

أما عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، فشأنهم في الإيمان والفضل محفوظ بقدرهم، لكنهم ليسوا من "أهل البيت" المذكورين في الآية، لأنهم لم يكونوا من سكان بيت النبي ﷺ، ولا من نسائه اللواتي خُصصن بالخطاب الإلهي.

فليُردّ الأمر إلى بيانه الأول، وليُحرَّر اللفظ من أوهام الموروث المذهبي، فـ القرآن أصدق بيانًا، واللسان العربي أصدق دلالة، ولا حجة مع النص المحكم.

الولاية والطاعة: النص القرآني المحكم

لقد حدد القرآن الكريم بوضوح من هم أولى بالمؤمنين ومن لهم الولاية عليهم، فقال تعالى:

﴿النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ۗ﴾ [الأحزاب:6].

هذه الآية الكريمة حددت الولاية العليا في النبي صلى الله عليه وسلم وحده، وجعلت أزواجه في مقام الأمومة للمؤمنين، أي في حرمة الذكر والدفاع والتعظيم.

مكانة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها

إنّ مكانة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في الإسلام مكانة عظيمة لا يضاهيها أحد من النساء بعد أمهات المؤمنين الأخريات. فهي:

1. أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:

كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب عائشة حبًّا شديداً، وكانت أحب الناس إليه، وقد أكرمها الله بكونها زوجته وأم المؤمنين.

2. أم المؤمنين وزوجة النبي في الدنيا والآخرة:

جعلها الله في مقام الأمومة لجميع المؤمنين بهذه الآية الكريمة: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ﴾، فحرمتها كحرمة الأم، وجعل من واجب كل مسلم أن يُجِلّها ويُعظّمها.

3. أفقه نساء الأمة وأعلمهم:

كانت عائشة رضي الله عنها من أفقه الصحابة وأكثرهم علماً، وكان الصحابة يأتونها للاستفتاء في الأحكام الشرعية والحديث النبوي. وقد روى عنها مئات الأحاديث، وهي من أكثر رواة الحديث من الصحابة.

4. التي نزل الوحي في بيوتها:

نزل القرآن الكريم في بيتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقضي أغلب وقته معها، وكان الوحي ينزل عليه وهو في حجرتها. فهي ممن شهد نزول الوحي واستمعت إلى القرآن من فم النبي مباشرة.

5. براءتها من السماء:

برأها الله من حادثة الإفك بتسع آيات من سورة النور، وجعل براءتها قرآناً يتلى إلى يوم القيامة: ﴿إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ... وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [النور:11-23].

6. حرمة الإساءة إليها أو معاداتها:

من أبغض عائشة أو سبّها فقد أبغض ما عظّمه الله، ومن قاتلها فقد قاتل زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين. وقد حذر النبي من الإساءة إلى زوجاته فقال: "أذكّركم الله في أهل بيتي"، فكيف بمن يقاتلهن؟

7. مكانتها في الحديث والسنة:

كانت عائشة رضي الله عنها المرجع الأول في شرح الحديث النبوي وفهمه، وكان الصحابة يسألونها عن تفاصيل السيرة النبوية وحياة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنها كانت الأقرب إليه والأكثر معرفة بأسراره.

فمن أبغض أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فقد أبغض ما عظّمه الله، ومن أحبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم وجب عليه أن يُجِلَّ زوجته وأمهات المؤمنين كافة. وأما من قاتلها أو أهانها في معركة الجمل، فذلك انتهاك صريح لحرمة أم المؤمنين ومقامها عند الله ورسوله.

مقتل الشهيد عثمان

الشهيد الحييّ عثمان بن عفّان رضي الله عنه كانت المدينة هادئة كعادتها، يلفّها نور الإيمان وعبق النبوة، حتى بدأ غبار الفتنة يتسلل إليها من أطراف الأرض. في آخر ذي القعدة من السنة الخامسة والثلاثين للهجرة، أحاطت الجموع بدار الخليفة الراشد عثمان بن عفّان رضي الله عنه — الشيخ الوقور، التقيّ الحييّ الذي كانت تستحي منه الملائكة. لم يكن الحصار كبقية الأحداث، فقد مُنع عن أمير المؤمنين الماء والطعام، وقطعت عنه سبل المدينة. هو الذي كان في أيام الرخاء يشتري بئراً كاملة ليجعل ماءها صدقةً لله، بات اليوم يُمنع من شربةٍ واحدة من ماءٍ عذب.

⸻ صفية بنت حييّ… نداء من وراء الدار في تلك الأيام المظلمة، خرجت صفية بنت حييّ أم المؤمنين — زوجة رسول الله ﷺ — لتدافع عن خليفة المسلمين بكلمة حقٍّ أمام جمعٍ من الغوغاء. كانت تمتطي بغلةً، يجرّها مولى لها يُدعى كنانة، لتقترب من دار عثمان. تقدمت صفية تخاطبهم: "اتقوا الله في عثمان! هذا خليفة رسول الله بين أظهركم!"، علّها تذكّرهم بحرمة نبيٍّ دفن بينهم. لكنها ما كادت تصل حتى اعترضها مالك الأشتر (هذا سيكون قائد جيوش علي في معارك الجمل وصفين)، فضرب وجه بغلتها ضربًا شديدًا حتى مالت. فصاحت بألمٍ وغضبٍ: "ردّوني، لا يفضحني هذا الكلب!" كلمة خرجت من فم أم المؤمنين لتسجّل في التاريخ ذمَّ رجلٍ تجرأ على حرمة بيت النبوة، فسمّته بما يليق بفعلته. رجعت صفية مكسورة القلب، لكنها لم تيأس. نصبت بين سطح بيتها وسطح دار عثمان خشبًا لتُمرّر الطعام والماء سرًا إليه، محاولةً أن تبقي رمق الحياة في جسده الطاهر.

⸻ نائلة بنت الفرافصة… وفاء لا يشبه النساء أما نائلة بنت الفرافصة زوجة عثمان، فكانت مثالًا للوفاء والصبر، امرأةً صلبةً في وجه الفاجعة، ناعمة الصوت لكنّها صلبة القلب. كانت تمرر الماء والطعام عبر السطوح خفية، حتى إذا كان يوم القتل، كان عثمان صائمًا. طلب عند الإفطار ماءً عذبًا، فمنعه المجرمون. تسللت نائلة في جنح السحر من سطحٍ إلى سطح حتى وجدت جارًا أعطاها كوزًا من الماء، فحملته بيدها المرتجفة إلى زوجها. لكنها لما وصلت، كان الفجر قد أشرق، فقال عثمان بابتسامةٍ ورضا: "إني أصبحت صائمًا." فأبى أن يشرب، ومات في ذلك اليوم صائمًا. وقد رُوي أن عثمان رأى في تلك الليلة حلمًا عجيبًا، حلم بأنه مع رسول الله ﷺ وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وأنهم قالوا له: "اصبر فإنك تفطر عندنا القابلة". هذا الحلم يُفسر على أنه إشارة إلى استشهاده، حيث أنه استشهد في اليوم التالي، فكان يفطر عندهم في الجنة كما بشروه.

⸻ قرار المواجهة وحده في دار عثمان كان جمعٌ من أبناء الصحابة بقيادة عبد الله بن الزبير يدافعون عنه، لكن عثمان نظر إليهم بعينٍ بعيدةٍ تعرف المستقبل، فقال لهم: "والله، لا أريد أن يُراق دمٌ بسببي، انصرفوا." فأقسم عليهم وأطاعوه. ثم توضأ، ولبس سراويل لم يلبسها من قبل، خشية أن تُكشف عورته بعد مقتله. جلس يقرأ في المصحف الذي جمعه بيده، المصحف الذي وحّد الأمة تحت رايةٍ واحدة.

⸻ الهجوم… وسقوط النور كانت لحظة الهجوم كالعاصفة؛ تسلّقوا الجدران وألقوا الحبال على الأسوار. التفت عثمان فإذا بخصلٍ من شعر نائلة قد انكشف، فقال لها وهو يقرأ: "شُدّي عليك خمارك، فإن حرمة شعرك عندي أعظم من حرمة دمي." ثم دخل عليه بعض الغوغاء يتقدمهم محمد بن أبي بكر (هذا ربيب علي وسيكون أيضاً معه في حروب علي ضد الصحابة في الجمل وصفين)، فكلّمه عثمان كلامًا رقّ له فخرج. لكنّ آخرين أصرّوا على الجريمة. أولهم كنانة التجيبي، فضرب عثمان ضربةً أسقطته على جنبه، وسال الدم على المصحف، عند قوله تعالى: "فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ." ثم جاء الغافقي بن حرب، فضربه بحديدةٍ على رأسه، وركل المصحف برجله حتى استدار، واستقرت قطرات الدم على آيات الله. وجاء الثالث — سودان بن حمران — أهوى بسيفه، فألقت نائلة نفسها أمامه لتصدّه، فاتقت السيف بيدها فقطع أصابعها وتناثرت على الأرض. صرخت من الألم، فتنحت قليلًا، فغمزها الفاجر وقال مستهزئًا، ثم أهوى بسيفه في بطن عثمان. سقط الخليفة، وسقطت معه هيبة الأمة. كان يردد في آخر لحظاته: "اللهم اجعلني من الشهداء، واجعل الأمة من بعدي على الهدى." صرخت نائلة وهي تبكي والدم ينزف من يديها: "قُتل أمير المؤمنين! قُتل عثمان!" لكن أحدًا لم يُجبها.

مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه


⸻ النهب والنار والليل الباكي دخل القوم على الدار ينهبون ما فيها، حتى نزع كلثوم التجيبي ملاءة نائلة عنها، ونظر إليها نظرة خبيثة وقال كلمة فاحشة، فرآه غلامٌ من غلمان عثمان فقتله، فهجموا على الغلام فقتلوه. ثم أشعلوا النار في الدار، واحترقت الأبواب التي كانت قبل ساعاتٍ تؤوي الملائكة. وفي المساء، تركت الجثة الطاهرة على الأرض لا يجرؤ أحد على دفنها. أرسلت نائلة إلى حويطب بن عبد العزى وجبير بن مطعم وحكيم بن حزام، فانتظروا حتى حلول الظلام، ثم خرجوا بجثمانه بين المغرب والعشاء نحو البقيع، تتقدمهم نائلة بسراجٍ تحمله ببقايا أصابعها. دفنوه بصمت، وصلى عليه جبير بن مطعم وجماعة من المؤمنين. وقفت نائلة عند قبره وقالت بصوتٍ تخنقه العبرة: "رحمك الله يا عثمان، كنت نقيًّا تقيًّا، صدقت الله فصدقك الله."

⸻ رسالة الوفاء والدم لم تهدأ نائلة، فأخذت قميص عثمان الملطخ بدمه، ووضعت معه خمسة أصابع من يديها المقطوعة، وخصلةً من شعر لحيته التي نتفوها بعد قتله، وأرسلتها إلى معاوية بن أبي سفيان بالشام مع النعمان بن بشير. كتبت إليه تقول: "أما بعد، فإني أدعوكم إلى الله الذي أنعم عليكم بالإسلام، وأنشدكم حقّ خليفته المظلوم، أن تنصروا دمه، فإن الله يقول: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما، فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله}."

⸻ قميص الدم على المنبر حين وصلت الرسالة إلى معاوية، وضع القميص على منبر الشام، وعلّق فيه أصابع نائلة. اجتمع الناس من كل صوب، وبكى خمسون ألفًا من الشيوخ والشباب تحت القميص، يرفعونه تارة ويضعونه تارة، يرددون: "يا لثارات عثمان!" حتى صار القميص رمزًا للبكاء والحنين والثأر. لم يكن مشهدًا سياسيًا بقدر ما كان لوعة أمةٍ انكسرت أمام دم خليفتها الشهيد.

⸻ نهاية القصة وبقاء الأثر مقتل عثمان لم يكن مقتل رجلٍ فحسب، بل مقتل روح العدالة والحياء في الأمة. قُتل من كان يُطعم الجياع، ويكسو العراة، ويستحي منه الملائكة. وسقطت الأمة يومها في امتحانٍ عظيم، لم تنجح فيه إلا بالدموع والندم. لكن بقي اسمه يضيء في التاريخ: عثمان بن عفّان — ثالث الخلفاء الراشدين، الشهيد الصائم، جامع القرآن، الحييّ الذي أفطر عند ربه صائمًا. وبقيت نائلة رمزًا للوفاء، وصفية شاهدًا على الشجاعة، ودماؤهما وصمتهما نداءً خالدًا للأمة: "لا تتركوا الحق يُقتل في دياركم، كما تُرك عثمان يومًا وحيدًا بين المصحف والدماء."

ماذا بين عمار وعثمان وقعت مشاجرة بين عمار بن ياسر وعباس بن عتبة بن أبي لهب، وقذفا عرض بعضهما البعض. فحمل عثمان على أن يؤدبهما بالضرب كما يقتضي الحد الشرعي. فنقم عليه عمار أشد النقمة وخرج إلى مصر يحرض الناس عليه.

البيعة المشروطة: بعد مقتل عثمان مباشرة اجتمع المسلمون في دار مخرمة بعد مقتل عثمان للبيعة. قال أبو جهم بن حذيفة: "أما من بايعنا منكم فلا يحول بيننا وبين قصاص"، لكن عمار بن ياسر اشترط: "أما من دم عثمان فلا!!" أي أنه كان يشترط فيمن يبايع علياً أن لا يأخذوا القصاص لدم عثمان.

موقف معاوية: بعد البيعة معاوية بن أبي سفيان - والي الشام - رفض مبايعة علي حتى يُقتص من قتلة عثمان. لم يكن معاوية خارجاً على علي، بل كان يطالب بالعدالة لعثمان. لم يكن معاوية خارجاً على علي لأن معاوية كان يعرف أنه لم يأتِ علي بالشورى مثل الخلفاء الثلاث بل أتى بسيوف قتلة عثمان. هذا الرفض قاد إلى معركة صفين بعد رفض علي تسليم القتلة.

معركة الجمل: سنة 36 للهجرة خرجت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مع طلحة والزبير رضي الله عنهما للمطالبة بالقصاص من قتلة عثمان. بدأ علي قتال جيش الجمل، وأرسل عمار بن ياسر لتحريض الناس ضد أم المؤمنين. انتهت المعركة بمقتل طلحة والزبير رضي الله عنهما، وهما من المبشرين بالجنة.

حديث صحيح البخاري عن تحريض عمار: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَصِينٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مَرْيَمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ الأَسَدِيُّ، قَالَ لَمَّا سَارَ طَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ وَعَائِشَةُ إِلَى الْبَصْرَةِ بَعَثَ عَلِيٌّ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ وَحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ، فَقَدِمَا عَلَيْنَا الْكُوفَةَ فَصَعِدَا الْمِنْبَرَ، فَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ فَوْقَ الْمِنْبَرِ فِي أَعْلاهُ، وَقَامَ عَمَّارٌ أَسْفَلَ مِنَ الْحَسَنِ، فَاجْتَمَعْنَا إِلَيْهِ فَسَمِعْتُ عَمَّارًا يَقُولُ إِنَّ عَائِشَةَ قَدْ سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَوَاللَّهِ إِنَّهَا لَزَوْجَةُ نَبِيِّكُمْ صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ابْتَلاَكُمْ، لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ.

المصدر: صحيح البخاري 7100

هذا الحديث يوضح بوضوح كيف أرسل علي بن أبي طالب عمار بن ياسر وحسن بن علي إلى الكوفة لتحريض الناس ضد أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في معركة الجمل. صعد عمار على المنبر في الكوفة وقال للناس: "إِنَّ عَائِشَةَ قَدْ سَارَتْ إِلَى الْبَصْرَةِ" ثم قال: "وَلَكِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى ابْتَلاَكُمْ، لِيَعْلَمَ إِيَّاهُ تُطِيعُونَ أَمْ هِيَ". هذا تحريض صريح ومباشر على قتال أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حيث جعل الاختيار بين طاعة الله وطاعة عائشة، رغم أنه اعترف بأنها زوجة النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة. علي هو الذي أرسل عمار وحسن بن علي إلى الكوفة لتحريض الناس ضد عائشة، وهذا يعني أن علي كان يعلم بتحريض عمار ويعينه على ذلك، مما يدل على أن علي كان يريد قتال أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وهذا يدل على أن علي كان البادئ بالقتال والباغي على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.

معركة صفين: سنة 37 للهجرة بعد رفض معاوية البيعة حتى يُقتص من القتلة، بدأ علي بن أبي طالب يستعد لقتال أهل الشام. ذهب علي بجيشه من العراق متوجهاً نحو الشام، فكان هو البادئ بالقتال والباغي على معاوية وجيش الشام. وقعت معركة صفين بين جيش علي الذي جاء من العراق وجيش معاوية الذي كان يدافع عن نفسه وأهل الشام. دامت المعركة أياماً وانتهت بالتحكيم، لكن الفتنة استمرت سنوات حتى انتهت باجتماع الكلمة على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه.

⚠️ تنبيه مهم للقارئ: احذر التلاعب بالأحاديث إن بعض الفرق ستحاول الإيقاع بك بذكر أحاديث مكذوبة ومضللة وتلاعبها بها لتصويب حروب علي الثلاث وتبرير بغيه على الصحابة الكرام. في حرب الجمل يذكرون أحاديث مكذوبة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعائشة رضي الله عنها: "كيف بك إذا نبح عليك كلاب الحوأب" لتصويب قتال علي لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. وفي حرب صفين يذكرون إضافة مكذوبة لحديث عمار "تقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ" لتصويب حرب علي على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه وجيش الشام، ويزعمون أن معاوية هو الفئة الباغية، مع أن علي هو البادئ بالقتال والباغي الذي ذهب بجيشه من العراق متوجهاً نحو الشام. ⚠️ تذكير هام وخطير: قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه كانوا هم جيش علي نفسه. فمحمد بن أبي بكر (هذا ربيب علي وسيكون أيضاً معه في حروب علي ضد الصحابة في الجمل وصفين) (ربيبه الذي رباه) ومالك الأشتر (هذا سيكون قائد جيوش علي في معارك الجمل وصفين) (ذراع علي اليمين) كانا من أبرز قتلة عثمان، وكلاهما كان في جيش علي في حروب الجمل وصفين. معاوية رضي الله عنه لم يكن يطالب بالخلافة لنفسه، بل كان يطالب بالقصاص من قتلة عثمان كواجب شرعي. وعندما رفض علي تسليم القتلة، كان معاوية يرى أن بيعة علي غير شرعية طالما لم يُقتص من القتلة. فلا تكن ضحية للتلاعب بالحديث وللإيقاع بك. اعرف الحقيقة التاريخية: علي هو البادئ بالقتال والباغي في هذه الحروب، وقتلة عثمان كانوا جيشه. والأحاديث المذكورة إما مكذوبة أو محرّفة، وقد وضعت لتصويب بغيه وقتاله لأم المؤمنين والصحابة الكرام.

حديث عمار وتحليل الإضافة المكذوبة: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ عِكْرِمَةَ، أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، قَالَ لَهُ وَلِعَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ائْتِيَا أَبَا سَعِيدٍ فَاسْمَعَا مِنْ حَدِيثِهِ. فَأَتَيْنَاهُ وَهُوَ وَأَخُوهُ فِي حَائِطٍ لَهُمَا يَسْقِيَانِهِ، فَلَمَّا رَآنَا جَاءَ فَاحْتَبَى وَجَلَسَ فَقَالَ كُنَّا نَنْقُلُ لَبِنَ الْمَسْجِدِ لَبِنَةً لَبِنَةً، وَكَانَ عَمَّارٌ يَنْقُلُ لَبِنَتَيْنِ لَبِنَتَيْنِ، فَمَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَمَسَحَ عَنْ رَأْسِهِ الْغُبَارَ وَقَالَ "وَيْحَ عَمَّارٍ، عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ".

المصدر: صحيح البخاري

إن الحديث الصحيح الذي رواه البخاري يذكر فقط: "وَيْحَ عَمَّارٍ، عَمَّارٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ وَيَدْعُونَهُ إِلَى النَّارِ". أما جملة "تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ" فهي إضافة مكذوبة لا أصل لها في الحديث الصحيح، وأُدخلت لتخدم أغراضاً مذهبية وتكفيرية. إذا كانت الجملة الأصلية صحيحة وحدها، فهذا يعني أن عمار كان يدعو معاوية وجيشه إلى الله، بينما كانوا يدعونه إلى النار. ولو صح هذا الفهم على إطلاقه، لكان معاوية وعمرو بن العاص وكل من قاتلوا علي كفاراً خالدين في النار، وهذا باطل بالضرورة. أجمع المسلمون من جميع المذاهب أن معاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص رضي الله عنهما من الصحابة الكرام، وأن قتالهم لعلي كان عن اجتهاد في مسألة شرعية (وهي القصاص من قتلة عثمان)، لا عن كفر ولا نفاق. وقد ثبت عن ابن تيمية وغيره من المحققين أن الذين قاتلوا علي لم يكونوا كفاراً ولا منافقين، بل كان فيهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار. الخلاصة: جملة "تَقْتُلُهُ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ" إضافة مكذوبة وضعتها بعض الفرق للتكفير المذهبي. والحديث الصحيح لا يدل على تكفير معاوية وجيشه، بل هو وصف لموقف اجتهادي شرعي. ومن زعم أن معاوية وعمرو بن العاص كفار، فقد كذب على التاريخ والإجماع.

انتهاء الفتنة: سنة 41 للهجرة بعد خمس سنوات من الاقتتال والفتن، انتهت الفتنة باجتماع الكلمة على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه. استقرت الأمور وتم جمع المسلمين تحت راية التوحيد. رحم الله الجميع وجزاهم عن الإسلام خير الجزاء.

رضي الله عن عثمان الشهيد المظلوم، وجزاه عن الإسلام خير الجزاء. وإن كان للمسلمين أن يتعلموا من هذه الفتنة شيئاً، فهو أن الاقتتال بين المؤمنين هو من أعظم الكبائر، وأن الوحدة والجماعة هي أساس بقاء الإسلام.